"هدايات للحاج الكريم" عبارة عن خواطر إيمانية كتبها بعض وعاظ حملة المرشدون في بعض مواسم الحج الفائتة، ونحن ننقلها هنا لتعم بها الفائدة.
#هدايات للحاج الكريم#: (الحلقة الأولى)
طوافك، سعيك، وقوفك بعرفات،
مبيتك بمزدلفة، ورميك للجمار الثلاث قد يكون مجرد حركات رياضية لا تنال منها أيها
الحاج الكريم غير النَّصب والعناء، ما لم تُزَيَّن بلباس التقوى وإخلاص العبودية
لله رب العالمين.
فانتبه لذلك أخي العزيز،
حاول استشعار كل منسك تأتي به لتنال بركته في قلبك وفِعَالِك.
وحسبنا أن المرشدون قد اتخذوا
شعار (استشعر المناسك).
من المسجد النبوي على صاحبه تفضل
الصلاة وأتم التسليم
ليلة الثاني من ذو
الحجة 1438
#هدايات للحاج الكريم#:
(الحلقة الثانية)
عزيزي الحاج:
ستصادف في مناسك الحج
مواطنَ كثيرة تكون فيها وَسْط زحام شديد، وأنت في هَذي المواطن بين خيارين:
إما أن تشتغل بها وتدفع مَن دَفَعَك،
وتَنفَعل لذلك فَتفقِد تَركِيزك وَلَذَّة عِبادتك، وَقد تتورط في معصية.
وَإما أن تَصْرِف تَفكيرك عنها
وتُركِّزَ في عبادتك، وتَستَحضر زِحَام المَحشَر وأَهوالَه فَيَلِين قَلبُك ويَخشع
لذلك، وتجد أثر ذلك فِي قلبِك زِيادة إِيمان وخُشوع وطمأنينة.
من مسجد رسول الله
فجر الثاني من شهر
ذي الحجة 1438
#هدايات للحاج
الكريم#: (الحلقة الثالثة)
عزيزي الحاج:
كثير من مجالس "السوالف"
الجانبية في الحج تُشتت الذهن وتُضيِّع الوقت وتوغر الصَّدر، فانتبه لتلك المجالس
الفاسدة المُفسدة.
أنت مقبل على دورةٍ
إيمانية تُقوِّم فيها رصيدك الإيمانيَّ، وتَتلَمَّس فيها مواطن الضعف في نفسك
وإيمانك، فاشتغل بهذا الهدف، وعض عليه بالنواجذ، وَسلِ الله التوفيق.
من مسجد رسول الله
فجر الثاني من شهر
ذي الحجة المبارك 1438
#هدايات للحاج
الكريم#: (الحلقة الرابعة)
عزيزي الحاج:
لاااااااا للتبذير ..ظاهرة غريبة مزعجة، تتكرر -للأسف
الشديد- في كل مرة يوجد فيها مطعم مفتوح (بوفيه) ألا وهي ظاهرة هدر الكم الكبير من
مخلفات الطعام المتبقية على الصحون!!
والأدهى من ذلك أن
يصدر نفس الخطأ ممن قصد بيت الله الحرام لأداء ركن عظيم من أركان الإسلام!! وهو
يشاهد يوميا آلاف الحجاج من إخوانه الذين قدموا من بلدان فقيرة لا يعرف أغلبُ
أهلها ما معنى (مياه نقية)، بل ربما لا يعرفون طَعمَ كثيرٍ من الأطعمة والأشربة لفقرهم!
الحاج بالذَّات عليه أن يراعي
النعمة، ولا يأخذه الشَّرَه لملئ صحنه بطعام لا يطيقه بطنُه.
رجـــاء إخواني الحجاج، لتكن هذه
الأيام دورة نتعلم فيها خُلُق الاقتصاد في الطعام، رأفة بأنفسنا وتقديرا لنعمة
الخالق علينا.
لا للتبذير..، خذ قَدرَ حاجتك وإن
رَغِبت في المزيد فالخير موجود.
راقب نفسك وأرشد
غيرك.
من مطعم الفندق بالمدينة المنورة.
صبيحة الثاني من
شهر ذي الحجة المبارك 1438
#هدايات للحاج
الكريم#: (الحلقة الخامسة)
الانضباط في المواعيد
جزء من كلمة السر لنجاح البرامج الجماعية..
الرحلات الجماعية
أكثر متعة واستفادة من الرحلات الفردية والثنائية، ففيها فرصة أكبر لتبادل الخبرات
والمعلومات وبناء العلاقات الإنسانية، ولكن من أكبر تحدياتها انضباط أفرادها
ببرنامج رحلتهم زمانا ومكانا ومضمونا؛ فأي برنامج جماعي لم يتواطأ أفراده على
الانضباط التام في المواعيد فاحكم على ذلك البرنامج بالفشل الذريع، وعلى أصحابه بخلل
سلوكي يجب تقويمه.
من يدير مجموعة
لابد أن يكون جادا وحازما في المواعيد التي يَضربُها لأفراد مجموعته؛ ولا يستثني
في ذلك فردا منهم مهما علا شأنه؛ لأنه إن فعل ذلك سقطت مصداقيته بين أفراد
المجموعة وصار لزاما عليه أن يعامل الجميع بنفس المعاملة، وإذا ما فُتِح هذا الباب
صار الأمر إلى اضطراب.
عزيزي الحاج، الحج
فرصة لتكتسب سلوك الانضباط في المواعيد.
وتحية -من القلب- لشباب الخدمة
القائمين على إدارة رحلتنا بالمدينة الذين طبقوا هذا المبدأ فكان سببا لنيل الكثير
من المكاسب.
تحية لهم ولكل من
ساعد في تجسيد خُلُق الانضباط.
من مسجد قباء المبارك بالمدينة المنورة.
ظهيرة اليوم الثاني من شهر ذي
الحجة المبارك
#هدايات للحاج الكريم#: (الحلقة
السادسة)
كل حاج يفد إلى حرم
الله الآمن إلا ولديه قائمة من الطلبات من أقاربه وأصدقائه وجيرانه ومعارفه وغيرهم
بأن يَدعوَ لهم في العراص الطاهرة، وقتَ أداء مناسك الحج وخاصة في صعيد عرفات. فهل
يجب أن يذكر الحاج في دعائه جميع أصحاب تلك الطلبات بأسمائهم وحاجاتهم..؟
لاشك أنه إن تيسر له ذلك فهو
غاية الروعة وقمة الوفاء، خاصة وأنه ستكون هناك أوقات طويلة سيخلو فيها الحاج بربه
وهي فرصة ليقدم بين يديه سبحانه طلباته وطلبات غيره من إخوانه. وحسبُه أنه كلما
دعا لأخيه دعوةَ خير قيل له:" ولك مثل ذلك".
أما إن كان لا يتمكن من تذكر
جميع الطلبات أو شقَّ عليه إفراد كل شخص بدعاء فله أن يدعو الخالق العظيم العليم بما
شاء من دعاء بحيث يعم في دعائه كل من سأله الدعاء، كأن يقول مثلا: (إلهي حقق رجاء
كل من سألني الدعاء واقض مآربه وحاجاته إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير نعم
المولى ونعم النصير).
وكن على يقين أخي الحاج بأن الله
العليم الخبير عليم بهم وبحاجاتهم، ودعاؤك عن ظهر الغيب لإخوانك قد وصل.
ظهر اليوم الثاني من شهر ذي
الحجة المبارك
فندق ميلنيوم
العتيق من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.
#هدايات للحاج
الكريم#: (الحلقة السابعة)
الحاج سفير بلده..
صلينا الفجر في المسجد النبوي
الشريف، وما إن سلم الإمام إلا وأَتفاجأ بِوابلِ من المصلين يدخل المسجد راكضا
ومتخطيا صفوف المصلين! والظَّاهر أنهم كانوا في سباق للصلاة في الرَّوضة أو للسلام
على النبي ؛، وكلاهما
لا ولم يأمر بهذه الفوضى!!
وفيما يبدو فإن أغلبهم كان من دولة أ ودولة ب ودولة ج.
رجعت عصرا إلى
الحرم وكان قُرب البوابة مجموعة من الأكياس مُعلقةً لمن أراد أن يأخذ منها ليحفظ
فيها نعليه.
صففت في الطابور
وكان الذي أمامي شخص عماني ولما وصل دورُه همَّ بأخذ كيس ففاجأه شخص عن يمينه يريد
هو الآخر كيسا فآثره العماني على نفسه ثم جاء ثان وثالث وخامس وربما سابع وذلك
الحاج العماني الخَلوق كان يقدمهم ويسلم لهم الأكياس بيديه أو يفسح لهم المجال
ليأخذوا بأنفسهم، فلما طال الأمر أَوْعَزتُ إِليه أن خذ كيسك وإلا فلن تبرح مكانك !!
موقفان متباينان
وبينهما بعد المشرقين.
في الأول أساء
أصحابه إلى بلدانهم وشوهوا بني جلدتهم، وفي الثاني أحسن صاحبه إلى بلده ورفعه وبني
جنسه مقاما عليا.
أخي الحاج كن في الحج خير سفير
لبلدك، التزم النظام وتحلَّ بالأخلاق، وأعرض عن الجاهل واحتسب الأجر عند ربك.
مع غروب شمس اليوم الثاني من شهر
ذي الحجة المبارك
من المسجد النبوي
الشريف بالمدينة المنورة حرسها الله سبحانه
#هدايات للحاج
الكريم#: (الحلقة الثامنة)
أخي الحاج أذكر نفسي وأذكرك معي
بأمر الحقوق الواجب على الإنسان أن يؤديها لأهلها، فكثير منا يغفل أو يهمل التعجيل
بأداء الحقوق إلى أصحابها وهذا ليس من شأن المسلم، بل قال بعض العلماء إن من عليه
دين لشخص آخر وقد حل أجله فليس له أن يحج إلا إن أذن له صاحب الدَّين.
أخي الحاج تفقد ما
عليك من ديون وحقوق على غيرك، عند أقربائك وأصدقائك ودكانِ حارتك وجميع من تتعامل
معهم، اسألهم إن كان لهم حقوق عليك لم تؤدها لهم وحاول أن تُصَفِّي جميع ما عليك مِمَّا
قد حلَّ أجلُه حتى تُقبِل إِلى رَبِّك صَافياً نَظيفاً من حقوق العباد، ولا
تنتظرهم أن يَأتوا إليك ليطلبوا حُقوقَهم فبعضهم قد يردُّه الحياء، فكن أنت المبادر.
عشية ليلة الثالث من شهر ذي
الحجة المبارك
المسجد النبوي
الشريف
#هدايات للحاج
الكريم#: (الحلقة التاسعة)
من طرائف ما يُذكر، أن رجلا في
الحرم كان يقود مجموعة من حجاج بيت الله الحرام، وكان يلقنهم أدعية وأذكارا من
كتاب كان بحوزته، وعندما أتى إلى آخر الكتاب قرأ (تم بحمد الله) فردد من وراءه (تم
بحمد الله)!.
مِثل هذا أو قريبٌ منه يحصل مع
الكثير ممن يُكلِّفُون أنفسهم قراءة أدعية مكتوبة في أوراق أو كُتَيِّبات لا
يفقهون كثيرا من معانيها، بل لا يطيقون حتى قراءتها قراءة سليمة!
أخي الحاج: الدعاءُ عبادة جميلة
لذيذة يُقصَد بها إظهار تذلل العبد لربه ﻷ وافتقاره إليه، وهذا يتحقق بكل
لفظ نابع من قلب الداعي وبأي لغة شاء، فالذي خلقك خلق لغتك أيضا، فلا تتكلف ما لا
تطيق من عبارات الدعاء الثقيلة على لسانك والتي لا تدري كُنهَ كثير من كلماتها.
ادعُ ربَّك بإخلاص،
بعباراتك وبلغتك التي تحسنها فهو أحب عند الله من دعاء مُتكلَّف لا يعدو أن يكون
عبارات يتفوه بها صاحبها من غير شعور صادق يخالط جَنَان قائلها.
وفقك الله لكل خير.
فجر اليوم الثالث من شهر ذي
الحجة المبارك
المسجد النبوي
الشريف بالمدينة المنورة
#هدايات للحاج
الكريم#: (الحلقة العاشرة)
كُن يقظا..
سَتُمُرُّ أيها الحاج العزيز
أيام الحج وقَبلَه على مواطنَ كثيرة فيها زحام شديد، فكن يقِظا فطناً، ولا تأمن شَرَّ
النَّشَّالين الذين يَتحَيَّنُون مثل هذه الفرص ليختلسوا ما يُمكن اختِلاسُه من جُيوب
الحُجَّاج حينما يكونون مُستغرِقين في ذِكرهم ودعائهم!!
لا تحمل شيئا ثمينا إلى مواطن
الزِّحام، وإن اضطُرِرت لذلك فَضَعهُ في محفظة صغيرة تُعَلِّقها على رَقَبتِك،
ولتكن قُبَالتك فإن لم تجد فتحسَّس جَيبَك باستمرار، خاَّصة إن كان الذي في جيبك مِحفظةٌ
بها وثائقُك الخاصة وبطاقاتُك الهامة أو هاتفُك الشخصي.
وقانا الله شر هؤلاء النَّشالين وَرَدَّ
كَيدَهم في نحرهم.
ضحى اليوم الثالث من شهر ذي
الحجة المبارك 1438 هـ
المسجد النبوي
الشريف بالمدينة المنورة
#هدايات للحاج
الكريم#: (الحلقة الحادية عشر)
دخلت الفندق مع منتصف الليل لأجد
امرأة من بعض دول إفريقيا (ذاتَ بأس شديد) في تَلاسُن عجيب مع حراس الفندق.
والنزاعُ فيما يبدو نَشب بسببِ إصرارِ المرأة على إِدخال أكياس مملوءةٍ بما بدا لي
أنها أطعمة، لعلها جاءت بها من بلدها، ومِن بينها كيس يبدو أنَّه كان يحوي لحما
مجففا!
كانت تصر بحماس أن
ذلك من حقها، والحرَّاس يُصِرُّون أن ذلك ممنوع في شريعة الفندق. لم تعبأ السيدة بكلامهم واستقلت مِصعدا، وَنادت
الرَّجل الذي كان يرافقها وتواريا!! وسط ذهول واستغراب من حضر.
مثل هذه المواقف تحدث عادة عندما
يلتقي أناس من ثقافات وعادات مختلفة، فهذا يرى الشيءَ حقا وذاك يراه باطلا، هذا يستسيغه
وذاك يستهجنه. وكثيرا ما نرى هذا في موسم الحج خاصة.
والضابط في مثل هذه الأمور أن يلتزم الإنسان بقانون المكان الذي
هو فيه وآدابِه.
التزم أيها الحاج العزيز بأنظمة
الأماكن المقدسة التي تقصدها والفنادق التي تسكنها، ففي ذلك سلامة للجميع واربأ بنَفسَك
أن تدخل في جدالات ومواجهات أنت في غنى عنها.
فجر اليوم الرابع من شهر ذي
الحجة المبارك لعام 1438
المسجد النبوي
الشريف بالمدينة المنورة
#هدايات للحاج
الكريم#: (الحلقة الثانية عشر)
انقضت كلمح البصر أيام جميلة في
مدينة الرسول r، عِشنا فيها على وقع
ذكريات الحبيب المصطفى ؛ وصحابته الكِرام رضوان الله تعالى عليهم.
تمشي في أزقة المدينة ومَحَلَّاتها
وأسواقها وتَتخَيَّل رسولَ الله r كان يوما ما يمشي على نفس
هذه الأرض التي تمشي عليها الآن في القرن الواحد والعشرين، كان يأكل الطعام ويمشي
في الأسواق، يزور المريض ويرأف بالصغير ويوقر الكبير.
المدينة هذه الأيام بها عشرات وربما
مئات الآلاف ممن جاؤوا من كل حدب وصوب تهفو أفئدتهم لزيارة قبره ؛،
وذلك الزحام الغريب بعد كل صلاة من أجل السلام عليه يُنبِيك عن حجم الحُبّش الذي يُكِنُّه
هؤلاء الزُّوار لهذا النبي العظيم على اختلاف ألوانهم واجناسهم ومذاهبهم.
ولك أن تُصِيغَ سمعَك حين تقترب
من مكان قبره ؛ لتستمتع
بعباراتِ تحيةٍ وسلامٍ يُعبر بها أصحابها عن شعورِهم وامتنانهم لهذا الرجل العظيم،
وصاحِبَيه الكَريمين اللَّذَين كانا له نعم السند والمعين.
أخي الحاجُّ العزيز، مَشاعرُك
الجَيَّاشَة تِجاه شخص النبي r دليلٌ على أَنَّ حِس
الإيمان في قلبك لا تزال به حياة والحمد لله؛ فلا تغفل عن إِتْبَاع هذه المشاعرِ
الطيبةِ بعمل صالح طيبٍ تقتدي فيه بمحبوبك ؛، فلا معنى لمن يحرص على السلام
على قبر النبي r بعد كل صلاة ولكنه يؤذي
إخوانه الصَّافين معه بدفعه لهم أو السخرية منهم، أو يؤذيهم بعدَ التسليم برمي
الكيس الذي كان يحفظ فيه نعله على قارعة الطريق، وغير ذلك من أنواع الأذى التي
ينبغي لكل مسلم، وللحاج تحديدا، أن يكون أَعفَّ الناس عنها.
لا نُريد انفصاما في
شخصية المسلم، جانبٌ منه يَهيم بِحُبِّ المصطفى، وقد يطير فرحا لمجرد لمس السياج
الذي يستر غرفة قبره ؛!!! وجانبٌ آخرُ منه يعطيك شعورا أن هذا الإنسان لا يُقيم
وزنا لتعاليم هذا النبي الكريم.
والله المستعان.
ظهيرة اليوم الرابع من شهر ذي
الحجة المبارك لعام 1438
في الطريق من المدينة إلى مكة
#هدايات للحاج
الكريم#: (الحلقة الثالثة عشر)
شدَّني في الطواف منظر رجل قد
انهال تقبيلا وتَمَسُّحا على جزء من جدار الكعبة قرب الركنِ اليَمانِيِّ، وهذا
المشهد قد لا يكون جديدا على كثير مِنَّا، فظاهرة التمسح بالأشياء المقدسة أو التي
يُعتَقَد أنها كذلك ليست بجديدة، كما أنها ليست مقتصرة على المسلمين بل لدى غيرهم -من
أتباع الديانات الأخرى- ما يشبه ذلك وأشد منه!.
الشيء الجديد الغريب في مشهد
صاحبنا عند الكعبة أنه كان ممسكا بهاتفه ومُشَغِّلا لإضاءته (الفلاش) للحصول على
تصوير أوضح لنفسه وهو يقبل الكعبة ويتمسح بها!! قُلتُ لعله واحد شاذ، والشَّاذُّ
يحفظ ولا يُقاس عليه، ولكنَّ جولة أخرى في صحن الحرم أثناء الطواف كَشَفَت أن
ظاهرة تصوير النفس وهي تُؤَدي عبادةً صارت مُوضَةً مستفحلة بصورة رهيبة!! فهذا
يصور نفسه رافعا كفيه إلى السماء باكيا، وآخر يحرص على الاتصال بأقاربه أو أصدقائه
و هو في الطواف ولعل بعضهم يستخدم تقنية Facebook live للحصول على تفاعل أكثر في وسائل التواصل
الاجتماعي!!
أيها الحاج الكريم لا تشغل نفسك بهذه
التصويرات الساذَجة، ماذا ستبقي لنفسك من عمل صالح تبغي أجره عند الله سبحانه؟؛ أم
أنك تريد أن تأتي يوم القيامة ويقالَ لك: قد صورت نفسك ونشرت حالتك وتلقيت وابلا
من الإعجابات والتعليقات ليقال، فقد قيل!! فتخسر بذلك أجرك الذي أنفقت فيه الأموال
الكثيرة والأوقات الطويلة.
دع عنك أخي هذا الهوس واستمتع
بعبادتك، وأرسلها ملفوفة بثوب الإخلاص لربك ﻷ وسَلِ الله أن يتقبلها ويغفر
تقصيرك فيها، لعل الله ينظر إليك بعين الرحمة فتكونَ من الفائزين، فذلك خير لك من
إعجاب وتعليق تكون عاقبتُه خسرا.
فجر اليوم الخامس من شهر ذي
الحجة المبارك لعام 1438
مكة المكرمة- جبل
النور
#هدايات للحاج
الكريم#: (الحلقة الرابعة عشر)
أخي الحاج العزيز..
تستقبلك أيام سيكون
الزحام فيها سمة بارزة، وإلى جانب الزحام سيكون عليك أن تتحمل أنواعا شتى من
العقليات والتصرفات الغريبة العجيبة، ونصيحتي لك، أن تستعد لهذه الظروف نفسيا
وتوسع صدرك لتنعم براحة بالٍ تجعل حَجَّك نعيما تتلذذ به، ما عليك إلا أن تنظر إلى
النواحي الإيجابية في هذه المظاهر وتجاوز عن سلبياتها.استحضر أن هذه الجموع الغفيرة القادمة من كل فج عميق قد جاءت
تلبية لنفس النداء الذي لبيته.
وتذكر أن الحج يتيح لك فرصة التعرف
على كثير من إخوانك من مختلف بقاع الأرض تحقيقا لنداء المولى جل وعلا: (يا أيها
الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا). تأمل وستجد ألوانا
لم ترها من الخضوع والتذلل لله رب العالمين.
جُلْ ببصرك وسترى صورا من الكفاح
والصبر لرجال ونساء بلغوا من الكبر عتيا قد جاؤوا لشهود هذا الركن العظيم وليس
يفرطون في شيء من نسكه.
هذه غيض من فيض مما يمكن
تَلمُّسُه من إيجابياتِ الاحتكاك بتلك الجماهير الغفيرة في الحج، واستحضارُها
سيصلح بالك ويشرح صدرك.
فلا تكن أخي الحاج ممن يستثقل
الزحام أو يكثر الشكوى، فهذه عبادة بدنية تربوية، ومن أكبر مراميها أن تتخرج منها
بصفات حميدة ترقى بك في درجات الكمال الإنساني.
ليلة السادس من شهر ذي الحجة
المبارك لعام 1438
مكة المكرمة- جبل النور
#هدايات للحاج
الكريم#: (الحلقة الخامسة عشر)
أخي الحاج العزيز…
في طوافك بالبيت سيواجهك أناس
يطوفون بنسائهم ويضربون بينهن وبين بقية الطائفين بسور متين، ويا ويح من فكر في
كسر ذلك السور عمدا أو خطأ، لأنه سينال دون ذلك ما تيسر من الدفع وربما الضرب غير
المباشر.
قد يضربك أحدهم في الطواف أو
السعي أو في بقية المناسك بيده أو بكوعه أو بكرسي متحرك ويمضي باعتذار أو بغيره.
قد تأتي موجة من الناس في الطواف
-خاصة- فتدفعك وتدفع أنت من أمامك أو بجنبك رغما عنك لتجد نفسك تدفع الثمن كله
ضربا أو شتما أو نهرا !ونصيحتي
لك أن تتمثل في مثل هذه المواقف قوله تعالى: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن
الجاهلين).